*سأل الزوج زوجته:* ماذا يخسر الرجل حينما يتزوج، وماذا يكسب؟ ابتسمت الزوجة بحكمة وقالت: الرجل يخسر عزوبيته، استقلاله في اتخاذ القرارات الصغيرة، وقدرته على التصرف دون تفكير بمسؤولياته الجديدة، يكسب بالمقابل شريكة في حياته، أمًا لأطفاله، وبيتًا ينبض بالحياة والدفء. ضحك الزوج وقال: إذن ماذا عن السعادة؟ أجابت الزوجة مبتسمة: السعادة يا عزيزي هي ما نصنعه بأنفسنا. إذا كان الزواج يعني لنا تقاسم الأعباء والفرح والنجاح، سنكون سعداء. أما إذا نظرنا له كخسارة، سنظل نشعر بعدم الرضا. تأمل الزوج كلامها، ثم سأل: هل تحبينني أكثر أم تحبين أطفالك؟ أجابت بدون تردد: أطفالي. استغرب الزوج وسأل: لماذا؟ ردت قائلة: لأنهم جزء مني، هم دمي وروحي. قال مبتسمًا: وأنا؟ قالت ضاحكة: أنت شريك في هذه الرحلة، أحيانا تسعدني وأحياناً أخرى تزعجني! بعد هذا الحوار، جلس الزوج يفكر: هل حقًا العلاقة بين الزوجين تُبنى على التضحيات؟ وهل كل هذه التضحيات تُقدّر؟ في مجتمعاتنا، نجد أن المرأة هي الركيزة الأساسية للأسرة. فهي الأم التي تسهر الليالي، تطبخ، تدرس، تربي، تنظف، ترعى وتساند. هي التي تتحمل كل أعباء الحياة بصمت وتضحك في وجه التعب. وعندما يفشل أحد أفراد الأسرة، نجد أصابع الاتهام تشير فورًا إليها. إذا تأخر الطفل في المدرسة، يُقال: أين هي الأم؟ إذا كان الطفل سيء السلوك، يُقال: الأم لم تربيه! إذا كان الزوج غير سعيد، يُقال: الزوجة لم تقدم ما يكفي! وإذا كان البيت غير مرتب، يُقال: الأم لم تقم بواجبها! لكن الحقيقة أن المرأة تقوم بدور عظيم. فهي مدرسة بالفعل، بل هي أكثر من ذلك. هي الطبيبة التي تشفي الجروح، والمعلمة التي تغرس القيم، والمستشارة التي تقدم النصيحة، والممرضة التي تعتني بالصغير والكبير. هي المكتبة التي تحتوي على حكمة الحياة، هي القلب الذي ينبض بالعطاء، هي العمود الفقري للأسرة. لذا تحية من القلب لكل امرأة تتحمل المسؤوليات الكبيرة والصغيرة، التي تضحي براحتها وسعادتها من أجل الآخرين، والتي تجلب السعادة لمن حولها رغم كل التحديات. أيتها المرأة، ابتسمي وكوني فخورة بنفسك، فأنتِ صانعة الأجيال، ومصدر القوة والحب في العالم. 🌷
ماتت زوجتهُ وكانَ لديهِ خمسٌ من البناتِ، فتقدَّمَ لخطبتهنَّ أربعةُ رجالٍ. أرادَ الأبُ أن يزوِّجَ الكبيرةَ ثمّ اللواتي يَلِينَها. لكنَّ البنتَ الكُبرى رفضتِ الزّواج لأنّها أرادت أن تهتمَّ بوالدِها وتخدمَه! وبالفعلِ زوَّج الأبُ أخواتها الأربع بينَما جلستِ أختُهُمُ الكبرى تهتمُّ بوالدها وتعتنِي بهِ طوعاً حتّى تُوفّي. وبعدَ وفاةِ الأبِ فتحوا وصيَّتهُ فوجدوهُ قد كتبَ فيها: (وزِّعوا الميراثَ ولا تَقسِموا البيتَ حتّى تتزوَّجَ أختُكمُ الكبيرةُ التي ضحَّت بسعَادتها مِن أجلِ سعادتِكم) . رفضَتِ الأخواتُ الأربعُ إقرارَ الوصيةِ وأردنَ أن يبعنَ البيتَ لتأخذ كلُّ واحدةٍ منهنَّ نصيبَها مِنَ الميراثِ، دونما مراعاةٍ لِحالِ أختهن الكبيرة! ولما تيقَّنَتِ الأختُ الكبيرةُ أنّهُ لا مفرَّ مِن تقسيم البيتِ، اتَّصلت بمنِ اشترى الدارَ وقصَّت عليهِ وصيّةَ والدِها وأنّها ليسِ لها إلاّ هذا البيتُ ليَأويها!! ورَجَتهُ أن يصبرَ عليها بضعةَ أشهرٍ حتّى تجدَ لها مكاناً مناسباً تعيشُ فيه، وبالفعلِ وافقَ الرجلُ. تمّ بيعُ البيتِ وتقسيمُ الميراثِ على البناتِ الخمسِ، وكلُّ واحدةٍ ذهبت إلى بيتِ زوجِها وهي في غايةِ السَّعادة دونما تفكيرٍ بمصير أختهنَّ الكبيرة. كانتِ الأختُ الكبيرةُ مؤمنةً بأنَّ الله لن يضيّعها ! وكيف لا وقد لزمت مصاحبةَ والدِها وعاشت في خدمته طيلةَ عُمُره. مضتِ الشُّهورُ وتلقَّتِ الأختُ الكبيرةُ اتصالاً مِنَ الرَّجلِ الذي اشترى البيتَ، فساورها الخوفُ وظنَّت أنَّه سيطردُها مِنَ البيتِ فقد طاااالتِ المُدّةُ! ولما أتاها قالت له: اعذرني أنا لم أجد مكانا بعد!! فقال لها: لا عليكِ أنا لم أحضُر من أجل ذلك، ولكنّي أتيت لأُسلِّمكِ ورقةً مِن المحكمةِ، فقد وهبتُ البيتَ لك مهراً، فإن شئتِ قبلتِ أن أكون لكِ زوجاً، وإن شئتِ رجعتُ من حيثُ أتيتُ، وفي كلتا الحالتينِ فإنَّ البيتَ لكِ، بكت الأخت الكبيرة وعلمت أنَّ الله لا يضيعُ عملَ المحسنين، ووافقت على الزواج من ذلكَ التّاجرِ الثّريّ، وعاشت معه في سعادةٍ تامّة. زوجٌ كريمٌ ... وبيتُ أبيها!! الله لا يضيع اجر من يبر بوالديه
بسم الله والحمد لله؛ لن تَنتَكِس دفعة واحدة، ولكن بالتدرِج سأخبركم قصة قصيرة جدًا مؤلمة: كان عبدًا مؤمنًا طائعًا لربه زاهدًا في الدنيا، يُقيم الليل كله، يبكي فيه ويستغفر ربه على ذنبه، ثم تنازل عن شيء يسير في الدين -لعله لم يكن حرامًا- ثم توالت التنازلات، فترك أذكاره وحفظه وورده اليومي والنوافل وقيام الليل وصيام السُّنة ولم يعُد قلبه يتألم عند سماع الموسيقى والمعازف في الشوارع وفي وسائل المواصلات، وراح قلبه للدنيا فعاد مرة أخرى يغضب ولا يكظم غيظه، ويتصرف بطيش ولا يرى الصواب وعاد مرة أخرى لحياته قبل الإلتزام، مات قلبه وعميت بصيرته فأصبح لا يرى، وفيما ينفعه نور العين إذا عميَ القلب؟ ثم راح ينام عن صلاة الفجر، ويؤخر صلاة الفريضة! وما أعظم مصيبة هذا العبد! وإنا لله وإنا إليه راجعون! ليت ما أصاب الفتى كان في بدنه، وهي السلامة، ولكن ما أصابه كان في قلبه وهي المُصيبةُ الكبرى، فعظُمت الفتنة وأصابت وإن كانت حقيرة ضعيفة لا تؤثر في أنصاف المؤمنين إذا رأيتم مثل هذا، فعزوه وأحسنوا العزاء، وانصحوه بخلوة أقلها شهر يقف فيها على عتبة باب الملك يرجوه أن يعيده كسابق عهده في الإلتزام، وأن يرده إليه ردًا جميلًا وإن لم يكن، فليرده إليه عنوةً، فموت القلب لا يعلم دواءه إنس ولا جان، فاذهب لربك الذي خلقك، يُحيِّه لك، أَلَيْسَ ذَٰلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ وأعيذكم بالله من موت القلب! والتي أعظم منها وأمَّر، أن يموت بعد أن ذاق حلاوة الإيمان ولذة العبادة! أوَّهْ!
📝قصة صاحب الحديقة والجرة . -------------------------------------------------------- من أعظم القصص التي رواها رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه تلك القصتين ، ففيهما يوضح الله لعباده فضل الصدقة وأثرها على صاحبها ؛ فهي مصدر لتهذيب النفس وزيادة الثراء ، ومنع البغضاء ، فبدون الصدقة يضل الإنسان طريقه ، وتنقطع عنه الراحة ، ويظل الحقد هو العامل المسيطر في حياته ، مهما كان يكسب من مال ، فلا هو يشبع ولا هو يقنع ، فيطمع فيما يملك غيرة ، والصدقة أيضا تمنع ميتة السوء ، وتصل الأرحام ، وتقرب العبد من ربه . قصة صاحب الحديقة : يذكر النبي صل الله عليه وسلم أنه كان هناك رجل يمشى في صحراء مقفرة ، لا أحد بها سواه ، فسمع صوت يأتي من داخل السحاب ، يأمر الرجل ويقول له اسقي حديقة فلان ، فلما سمع الرجل هذا الصوت أصابته الدهشة وانتابه الفضول ، وما لبث إلا أن وجد نفسه يتحرك في مسار السحاب . وفجأة رعدت السماء ونزل المطر ، وتجمع في واد وأخذ يسير في مجرى شقه لنفسه ، تتبع الرجل مسار الماء ، فوجده يصل إلى مزرعة من المزارع ، وهناك وجد رجل على باب المزرعة بفأسه يسير الماء إلى أرضه ، تعجب الرجل من تلك المزرعة التي تنمو وحدها في الصحراء ، ويرسل إليها الماء بأمر من الله . وتأكد أن الصوت الذي سمعه لم يكن سوى ملك من السماء ، قد أمر ملك السحاب ، أن يروى هذه المزرعة ، وهنا دار في بال الرجل أسئلة لا أجوبه لها إلا عند صاحب المزرعة ؛ فذهب وسلم عليه وسأله : ما أسمك ؟ فأجابه الرجل عن اسمه ، وهنا زاد تأكد الرجل من الصوت ، الذي سمعه فيثير دهشة صاحب المزرعة ويسأله : لماذا سألتني عن اسمي ؛ فقص عليه الرجل الغريب القصة ، التي حدثت معه وسأله في حيرة : ماذا تصنع لكي يسخر لك السحاب ؟ فقال له : سأخبرك بما سألتني عنه ، إنني أنظر إلى ما يخرج من الحديقة ؛ فأتصدق بثلثه للفقراء ، وآكل أنا وعيالي ثلثاً ، وأعيد زراعة الثلث الأخر حتى تنتج الحديقة مرة أخرى ، وأعيد الكرة ثانية . أخرج الإمام مسلم بسنده في صحيحة أن رسول الله صلّ الله عليه وسلم قال : بينما رجل يمشي بفلاة من الأرض فسمع صوتاً في سحابة : اسق حديقة فلان فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة (أرض ذات حجارة سوداء) فإذا شرجه (هي مسيل الماء) من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقة يحول الماء بمسحاته فقال له : يا عبد الله ما اسمك قال : فلان – للاسم الذي سمع في السحابة ـ فقال له : يا عبد الله لم تسألني عن اسمي ، فقال : إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه ، اسق حديقة فلان لاسمك فما تصنع فيها فقال : أما إذا قلت هذا : فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثاً وأرد فيها ثلثه . قصة صاحب الجرة : القصة لرجل أراد أن يشترى عقار فأشترى مزرعة من صاحبها ، وظل يزرع ويحرث ويبني فيها ، وإذا به يجد داخل أرض المزرعة كنز من جواهر ، وذهب وكل ما تشتهي الأنفس ، فذهب الرجل إلى صاحب المزرعة الأصلي ، وأعطاه الكنز قائلًا له : هذا ملك لك ؛ فقد وجدته في مزرعتك ، فرد عليه الرجل قائلًا : حللتك ، أي أحليته لك وهو ملكك الآن . أجابه الرجل لا والله ، إنه لك أنت ، فأنا اشتريت الأرض وليس ما فيها ، فقال صاحب الأرض بل بيعتك الأرض وما فيها ، فكان هذا يرمي الكنز على هذا ، وهذا يرمي الكنز على هذا ، فاختلافا الاثنان ، وذهب كل منهما يشتكي الأخر للقاضي ، فلما سمع حجة الأول وجدها قوية ، وسمع حجة الثاني ؛ فوجدها هي الأخرى حجة قوية . كان هذا القاضي على درجة من الذكاء والفطنة ، مشهود له بالعدل والحكمة ، فقال لصاحب الأرض ألك أولاد أو بنات ؟ قال نعم : عندي بنت واحدة ، التفت إلى من اشترى الأرض منه وسأله : ألك أولاد ؟ قال، نعم عندي ولد واحد ، فاقترح عليهما القاضي أن تتزوج البنت من الولد ، وينفق الكنز عليهما سويًا . فوافق الطرفان صاحب المزرعة والرجل الذي اشتراها منه على هذا الاقتراح الذكي ، وعاش الزوجان ، حياة مباركة بهذا الكنز الذي تعفف عنه والديهما ؛ ليضربا لنا أروع الأمثلة في الزهد والخوف من الله عزوجل . عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : اشترى رجل من رجل عقاراً له ، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرّة فيها ذهب ، فقال له الذي اشترى العقار : خذ ذهبك مني ؛ إنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع منك الذهب ، وقال الذي له الأرض : إنما بعتك الأرض وما فيها ، فتحاكما إلى رجل ، فقال الذي تحاكما إليه : ألكما ولد ؟ ، قال أحدهما : لي غلام ، وقال الآخر : لي جارية ، قال : أنكحوا الغلام الجارية ، وأنفقوا على أنفسهما منه ، وتصدقا ، حديث متفق عليه . 🍃📖 قصص إسلامية 📖🍃
✍ رجل يدفع زوجته لينقذ نفسه من الغرق .. أي نوع من الرجال قد يفعل ذلك؟ - هذه القصة جابت العالم عبر الانترنت ؛ إنها قصة تجعلك تفكر في الناس من حولك - أخذ الاستاذ يخبر تلاميذه قصة عن سفينة راحت تغرق في عرض البحر . - كان على السفينة زوج وزوجته وكان هناك قارب نجاة لا يتسع إلا لشخص واحد. لن تحزر ابداً أي درس تعلموه من هذه القصة. - عندما تعرضت السفينة لحادث ولم يكن هناك إلا قارب نجاة يتسع لشخص واحد. - دفع الرجل زوجته وراءه ورمى بنفسه إلى قارب النجاة. - وقفت المرأة في السفينة الغارقة وصرخت جملة واحدة لزوجها . - توقف الأستاذ وسأل طلابه : ماذا صرخت برأيكم لزوجها؟ . - أجاب معظم التلاميذ بحماس: أكرهك. أنا عمياء . - ولكن الاستاذ لاحظ أن أحد التلاميذ كان غارقاً في الصمت فطلب منه رأيه فأجاب الصبي: - أعتقد أنها صرخت تقول له اعتن بطفلي . ✍ تفاجأ الأستاذ من رد الصبي وسأله: هل قرأت هذه القصة من قبل؟ . - هزّ الصبي رأسه وقال : لا.. ولكن ذلك ما قالته أمي لأبي قبل أن تتوفى من جراء مرض أصابها . - قال الأستاذ للصبي : جوابك صحيح. - السفينة غرقت والرجل عاد إلى منزله حيث ربى ابنته وحده، بعد سنوات عديدة توفي الرجل فوجدت ابنته مذكراته بين أغراضه. - وفي هذه المذكرات ذكر الأب أنهما ذهبا في رحلة بحرية بعدما أن كان الأطباء قد شخصوا حالة الأم وقالوا أنها تعاني من مرض قاتل. - في تلك اللحظة اندفع الأب إلى فرصة النجاة الوحيدة . - وقد كتب في مذكراته: كم تمنيت لو غرقت معك في أعماق البحار.. - ولكن حباً بابنتنا الصغيرة استطعت أن أتركك تنامين إلى الأبد في أحضان البحر وحدك. ✍انتهت القصة وعم الصف الصمت المطبق. - عرف الأستاذ أن تلاميذه فهموا المغزى من هذه القصة.. التي مفادها أن هناك تعقيدات كثيرة تكمن وراء الأشياء التي يصعب علينا أن نفهمها. - كما تشير القصة إلى أن علينا ألا نركز على ظواهر الاشياء ونحكم على الآخرين بدون أن نفهمهم أولاً. - أولئك الذين يدفعون الفاتورة ، لا يفعلون ذلك لأن لديهم فائض من المال بل لأنهم يعتبرون الصداقة اهم من المال. - وأولئك الذين يبادرون إلى العمل ، لا يفعلون ذلك لأنهم أغبياء بل لأنهم يفهمون مفهوم المسؤولية. - وأولئك الذين يعتذرون أولاً لا يفعلون ذلك لأنهم أخطؤوا بل لأنهم يقدرون الناس المحيطين بهم. - وأولئك الذين يرغبون في المساعدة ، لا يفعلون ذلك لأنهم يدينون لك بشيء بل لأنهم يرونك الصديق الحقيقي. ..
عاد أبي يقول : عاد أبي من الحرب بعد غياب طويل عندما كنت صغيرا ؛ ومن شرّ الأقدار أنني أنا من فتحتُ له الباب في ذلك اليوم المشؤوم ! رجل ضخم البنية ذو لحية كثيفة ؛ وشعر قارب لمس أذنيه من الطول ؛ لم تكن هيئته توحي بأنه زائر عادي بالرغم من أنه كان يحمل في يديه باقة من أزهار ( الجاردينيا ) . أذكر أنه جثى مباشرة على ركبتيه بعد أن رآني ونزل على الأرض وكأن أقدامه لم تعد تطيق حمله أكثر من لحظة واحدة ؛ نظراته غريبة جدا ؛ كان من الجليّ أن عيناه مستعدتان للبكاء بمجرّد لمسه ؛ ولكن كل ذلك لم يكن ليعني لي شيئا أبدا ... اقترب مني كثيرا وحين همّ بوضع يديه على خدّي قال : - أحمد لقد كبرت سريعا يا بني !! ولكني ببراءة الأطفال قلتُ : - عفوا يا عم !! إذا كنت تريد أبي فهو ليس في المنزل !! هذا وقت عودته من العمل إنتظر قليلا سيأتيك حتما .... تغيّرت ملامحه فجأة وأبعد يداه عني ووقف كأن الأرض تعبت من جلوسه ؛ لم يقل شيئا ؛ لم يصرخ ولم يضرب بيديه الحائط ؛ بقي صامتا ينظر لي حتى أنّه أخافني جدّا وهو يمسح عن وجهه أثر الدموع ! أثار انتباهه صوت أمّي تنادي من على الباب : من هناك يا أحمد ! لم أنتبه لها أبدا فقد كان بصري شاخصا نحوه ولكنها سرعان ما أتت حين أطلت الرّد عليها ! وفور ظهورها ارتميت مباشرة في حضنها متمسكا بثيابها هربا من ذاك الغريب وملامحه المخيفة ! صَمتا طويلا قبل أن ينطقا شيئا ثم قال لها وكان من صوته يبدو أنه منكسرا ! - لماذا ؟! بعد ذلك دار بينهما حديث غامض تخلله بكاء أمّي ذكرا فيه الموت والرسائل و6 سنوات من الغياب ! وفي أثناء هذا وصل أبي المزيّف بينما كان عائدا من العمل وقال في غضب هو الآخر : من هذا الغريب الذي تحدّثين يا عزيزتي .... وما إن استدار إليه حتى عاد الصمت مرّة أخرى إلى ذلك المشهد . قبل أن يكسره نفس الشخص ويسأله مستغربا : أنت !! وفي ظلّ هذا التوتّر المشحون ؛ من هناك حضر أحدهم في هيئة ساعي البريد وفي يده رسالة أعطاها لأبي قائلا : عذرا فقد وصلتكَ هذه الرسالة يا سيدي من نفس العنوان منذ أيام ولأسباب خارجة عن سيطرتنا لم أستطع إيصالها في وقتها المناسب ! قبل أن يختطفها ذاك الغريب من يديه وراح يتفحّصها بذهول شديد .. لحظات قليلة بعد هذا نشب بينهما عراك كبير ؛ لم يتوقّفا ولم يأبها بسقوط أمّي مغشيا عليها ؛ إلا حين مضيت جريا نحوه ورحت أضربه صائحا في وجهه أترك أبي يا هذا ! هنا توقّف !! وهو ينظر لي ؛ عادت تلك الملامح المنكسرة لتخيفني مجددا ! وقف ونفض عن ثيابه الغبار وراح يفحص الكل بنظرة طويلة ثم غادر إلى حيث لا أدري ... أيّام بعد هذه الحادثة تدهورت صحّة أمي كثيرا بعد أن اشتدت الخلافات بينها وبين من كان يدّعي زورا أنه أبي ؛ زاد الوضع تأزّما حين أجبرته على الإنفصال عنها بعد تدخّل أقاربي في الموضوع ؛ غير أنه لم يكتفي بذلك القدر فقد أحرق المنزل بأكمله ودخل السجن عقِب دخول أمي للمستشفى إثر تلك الوعكة الصحّية التي أصابتها يوم الحادث ! بعدها كان من الطبيعي أن أمضي الوقت معها ؛ وما إن استفاقت حتى قرّرت أخيرا أن تخرج عن صمتها وتقصّ لي مالذي يحدث بالضبط ! قالت أنّ أبي قد تركنا مرغما حين كان عمري سنة واحدة ؛ ولكن السنين مرّت ولم يأتي خبر منه إلى أن سمعوا من إبن عمّه ذات حزن ؛ بأنه قد مات وفُقدت جثته في غربته تلك ! عام ونصف بعد الحادثة أقنعها أهلها بالزواج منه هو بالذات فقد كان قبل أن تتزوج بأبي يتردد في طلب يديها ولكنهم كانوا يرفضون تزويجه إياها لفارق السن الكبير بينهما ! ولكن عودة أبي بعد غياب 6 سنوات كشفت أنه كان يكذب على الكلّ وفوق هذا خبّأ عليها رسائل الحياة التي كانت تأتي من الموت هناك !!. - ولكنّه قد غاب مجددا مجددا يا أمي ! ( قلتُ بعد أن رفعتُ رأسي عن يديها ) لكنها لم تجبني !! في أثناء ذلك حاولت بصعوبة مساعدة نفسها على إسناد ظهرها على السرير ؛ وظهرت وقد شُدّ بصرها ناحية باب الغرفة وقالت : تبدو هذه رائحة أزهار ( الجاردينيا ) ! ولحظة حتى ظهر الأمان من خلف الباب أخيرا ليُسكت كل ذاك الكم من الخوف في صدري ؛ وحلّ السلم بعد عناء طويل ليطفئ نار الحرب في قلب أمّي ... هذه المرّة لم يكن لا ميتا ولا غريبا ولا مخيفا ولا باكيا ولا صامتا أبدا ! هذا أبي نعم وقد عاد إلى الحياة أخيرا ..