قصة وعبرة تقبلوا اختلاف أولادكم أنا مهندسة وقد تم تعييني في مكان مرموق تقدم للزواج مني زميل من زملائي.اسمه يوسف. أنا شخصية عقلانية .. ولست عاطفية بحثت مع أمي ظروفه ميسور الحال .. والداه محترمان. تم الزواج . أغرقني بمشاعره .. التي لم أعرف كيف أستقبلها أنا شخصيه عقلانيه .. ومنهجيه .. أما هو فشخص عاطفي جدا لدرجة البكاء أحيانا. أنجبت رقية . هي ووالدها .. يحبان الأحضان .. والحركة .. ومتكلمان .. ويتحركان دوما. وليسا عقلانيين .! وكنت أكره ذلك. ثم أنجبت ريهام . مثلي تماما عقلانية تتحدث بحساب .. أشعر معها بالارتياح. بصراحة أعترف أني كرهت من داخلي شخصية رقية .. لكن .. كان عندي أمل تتغير .. لكثرة الانتقاد وتتحول لشخص هادئ.! لكن ما حدث هو أنها بقيت حركية....لم نتفق على شئ. كنت اكره ذلك! كنت دوماً أقارن بين ريهام العاقلة وبين عشوائية الأخرى .. أو بالأحرى .. بين رزانة ريهام وتهور رقية زوجي كان أميل لرقية .. وكان يصفني بالجفاء العاطفي. كنت أرتقي في عملي. سعيدة. لكني للاحظت مع تقدم البنات بالسن ميل رقية إلى أبيها وحضنه وتباعدها عني وكرهها لانتقاداتي أما ريهام فهي مريحة وعاقلة. - لكن فجأة ! مات زوجي في حادث مروري .. وكانت رقية بالإعدادية .. وريهام سادس ابتدائي شعرت أن سهماً اخترقني رحيل الزوج بالفعل عصيب تذكرت جفائي معه .. وشعرت بحرقة قلب .. لكن ....رقية منهارة تماما وبعد الانهيار مندفعة ومتهورة وتشعر أنها بلا ضابط ولا رابط. وريهام حزينة. فوجئت ان رقية .. دوما في انعزال ..وتتباعد عني وعن أختها. أصرخ في وجهها .. تصرخ في وجهي!!!! ثم مرة هددتني أن تترك البيت .. واتهمتني بعدم حبي لها. و بالفعل ..... تركت البيت...! كنت كالمجنونة .. أبحث عنها .. إلى أن كلمني والد صديقتها وأخبرني بوجودها مع ابنته وزوجته. بكيت بحرقة .. ربما أكثر من يوم وفاة زوجي ! ما الذي ينفر هذه البنت مني؟ ؟ ؟ أنا محددة حازمة صارمة لكن لست طويلة اللسان ولا أضربها .. إلا نادرا......!! مثلها مثل أبيها نفس العاطفة المفرطة التي لا أحبها طلب والد صديقتها أن يراني ويتحدث معي. هو طبيب نفسي قال لي أن رقية محبة أحضان وأنها تفتقدني وتشعر بكراهيتي لها وتفضيلي لريهام عليها. قلت له طبيعي لأن ريهام أعقل قال لي جملة عجيبة (رقية مختلفة عنك .. أحبي اختلافها) أولادنا ليس من الضروري أن يشبهوننا....! الحياة تحتاج الجميع (رقية مشوهة النظرة لنفسها وتقول أنك لا تحبينها) شعرت بالضيق الشديد قلت للطبيب (أحبها والله لكن ...) قاطعني (ابنتك مختلفة الطباع عنك هذا ليس سوءاً فيها ).. لم اقتنع ! وعادت فأعطيتها محاضرة طويلة في الأدب .. وبكت كثيرا لاحظت بعدها انها أصبحت أكثر انعزالية .. ساكتة دوما تحتضن ذكريات أبيها ريهام مريحة وتفهمني وأفكر دائماً؛؛؛؛؛؛ ما فائدة هؤلاء العاطفيين أنهم عبء على العقلانيين هي وأبوها الله يرحمه شخصيات مريعه.!! مضت حياتنا في صراع. تزوجت رقية من شخص عاطفي مثلها دوما يقول لي يا ماما وانت مثل أمي. المهم أنها ذهبت من البيت ريهام حبيبتي تزوجت من دكتور بالجامعة. .. أصبحت وحدي. بعد فترة .. فاجأني السرطان. ردود ريهام العقلانية اهدأي تجلدي. رقية تبكي من أجلي. و تدعو الله لي كثيرا. عندي موعد الطبيب. رقية تحمل ابنها الرضيع وتكون عندي بسيارة زوجها قبل الموعد. أما ريهام فتعتذر لأنها لديها تعب الحمل وأيضا لا تستطيع ترك ابنها وحده! أول مرة بحياتي وانا مريضة بالسرطان .. أعرف أن العواطف لها قيمة حضن رقية يهون عليّ آلامي. رغم أني لم أحبه.....أبدا أشعر أني وأنا في الخمسين .. طفلة.............. زوج رقية يقول لي من قلبه سلامتك يا ماما. كيف كرهت العواطف والعاطفية؟ ؟؟ ؟. ريهام حزينة .. لكن دعمها بحساب ..تماما مثل شخصيتها أما رقية وزوجها دعمها وعطفهما بلا حساب ... ! - بكيت من قلبي وتذكرت سابق حياتي ........احتضنت رقية ...كم هو جميل حضنها...... بكت وبكيت.... هل في العمر متسع لأستمتع بما لم أفهمه؟ ؟ ؟ أم أن الأجل قد دنا.. ؟ دعوت الله من قلبي يارب اشفني وامنحني العمر كي أسعد بابنتي المختلفة عني. .. وبالفعل تم شفائي والحمد لله رب العالمين. .. أنا ورقية لا نفترق.......أشعر اني اكتشفت كنزا..!!! كلامها يؤنسني وحضنها يهدئني. لا تكرهوا اختلاف أولادكم .. بل أحبوا اختلافهم.... وتقربوا منهم لا تشوهوا نظرتهم لأنفسهم بسبب أنهم لا يشبهونكم أنا ورقية نحيا أسعد أيامنا ... قصة وعبرة
ومنهن : - ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك من بني تميم ، فولدت له عبيد الله وأبا بكر . قال هشام بن الكلبي : وقد قتلا بكربلاء أيضا . ومنهن : - أسماء بنت عميس الخثعمية فولدت له يحيى ومحمداً الاصغر ، قاله الكلبي ، وقال الواقدي : ولدت له يحيى وعوناً . قال الواقدي : فأما محمد الأصغر فمن أم ولد . ومنهن : - أم حبيبة بنت زمعة بن بحر بن العبد بن علقمة ، وهي أم ولد من السبي الذين سباهم خالد من بني تغلب حين أغار على عين التمر ، فولدت له عمر وقد عُمِّر خمسا وثمانين سنة ، ورقية . ومنهن : - أم سعيد بنت عروة بن مسعود بن مغيث بن مالك الثقفي ، فولدت له أم الحسن ، ورملة الكبرى . ومنهن : - ابنة امرئ القيس بن عدي بن أوس الكلبية ، فولدت له جارية ، فكانت تخرج مع علي إلى المسجد وهي صغيرة ، فيُقال لها : من أخوالك ؟ فتقول : وه وه ! تعني بني كلب . ومنهن : أمامه بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملها وهو في الصلاة إذا قام حملها ، وإذا سجد وضعها ، فولدت له محمداً الأوسط . وأما ابنه محمد الأكبر فهو ابن الحنفية وهي : - خولة بنت جعفر بن قيس ، من بني حنيفة ، سباها خالد أيام الصديق أيام الردة من بني حنيفة ، فصارت لعلي بن أبي طالب ، فولدت له محمداً هذا ، ومن الشيعة من يدّعي فيه الإمامة والعصمة ، وقد كان من سادات المسلمين ولكن ليس بمعصوم ، ولا أبوه معصوم ، بل ولا من هو أفضل من أبيه من الخلفاء الراشدين قبله ليسوا بواجبي العصمة ، كما هو مقرر في موضعه والله اعلم . قاله ابن كثير في البداية والنهاية . وقال أيضا : وقد كان لعلى أولاد كثيرة آخرون من أمهات أولاد شتى ، فإنه مات عن أربع نسوة وتسع عشرة سُرِّية رضى الله عنه ، فمن أولاده رضي الله عنهم مما لا يعرف أسماء أمهاتهم أم هانئ وميمونة وزينب الصغرى ورملة الكبرى وأم كلثوم الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأم الكرام وأم جعفر وأم سلمة وجمانة . اهـ . سبب تكنيته بأبي تراب : كنّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي تُراب . روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : استُعمل على المدينة رجل من آل مروان ، فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم علياً . فأبى سهل . فقال له : أما إذ أبيت فقل : لعن الله أبا التراب ! فقال سهل : ما كان لعليّ اسم أحب إليه من أبي التراب ، وإن كان ليفرح إذا دُعي بها . فقال له : أخبرنا عن قصته لم سُمي أبا تراب ؟ قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة ، فلم يجد علياً في البيت ، فقال : أين ابن عمك ؟ فقالت : كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج ، فلم يَقِلْ عندي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان : أنظر أين هو ؟ فجاء فقال : يا رسول الله هو في المسجد راقد . فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع ، قد سقط رداؤه عن شقه ، فأصابه تراب ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول : قم أبا التراب . قم أبا التراب . وفي هذا الحديث رد على الرافضة الذين يقولون : إن الله غضب على أبي بكر عندما أغضب فاطمة ويستدلون بحديث : فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني . رواه البخاري . وسبب ورود هذا الحديث ما رواه البخاري ومسلم عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول : إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن يُنكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب ، فلا آذن لهم ، ثم لا آذن لهم ، ثم لا آذن لهم ، إلا أن يُحب ابن أبي طالب أن يُطلق ابنتي وينكح ابنتهم ، فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها . وفي رواية في الصحيحين أن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل على فاطمة قال : فسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم فقال : إن فاطمة مني وأني أتخوف أن تفتن في دينها . قال : ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن . قال : حدثني فصدقني ووعدني فأوفي لي ، وأني لست احرم حلالا ولا أحل حراما ، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا . فتبيّن أن المقصود بإغضاب فاطمة رضي الله عنها ما كان بحق ، أو ما كان عن طريق الزواج عليها قال ابن حجر رحمه الله : والسبب فيه ما تقدم في المناقب أنها كانت أصيبت بأمها ثم بأخواتها واحدة بعد واحدة ، فلم يبق لها من تستأنس به ممن يخفف عليها الأمر ممن تفضي إليه بسرها إذا حصلت لها الغيرة . قصة ااصحابي علي بن ابي طالب
وقال : احفروا فابعدوا في الأرض ، وجاء بالحطب فطرحه بالنار في الأخدود وقال : إني طارحكم فيها أو ترجعوا ، فأبوا أن يرجعوا ، فقذف بهم فيها حتى إذا احترقوا قال رضي الله عنه : لما رأيت الأمر أمراً منكراً *** أوقدت ناري ودعوت قنبرا . قال الحافظ في الفتح : وهذا سند حسن . وأوذي ممن ادّعوا محبته ، بل ممن ادّعوا أنهم شيعته ! والذي قتل علياً رضي الله عنه ، وهو الشقي التعيس ( ابن ملجَم ) كان مِن شيعة عليّ ! ولذلك كان علي رضي الله عنه يقول في آخر حياته : أشكو إلى الله عجري وبجري . وقال رضي الله عنه في أهل الكوفة : اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وأبغضتهم وأبغضوني ، وحملوني على غير طبيعتي وخلقي ، وأخلاق لم تكن تعرف لي . اللهم فأبدلني بهم خيراً منهم ، وأبدلهم بي شراً مني . اللهم أمِتْ قلوبهم موت الملح في الماء . والكوفة هي موطن الشيعة الذين كانوا يدّعون محبته ! كلام جميل للحسن بن علي رضي الله عنهما : لما حضرت الحسن بن على الوفاة قال للحسين : يا أخي إن أبانا رحمه الله تعالى لما قُبض رسول الله استشرف لهذا الأمر ورجا أن يكون صاحبه ، فصرفه الله عنه ، ووليها أبو بكر ، فلما حضرت أبا بكر الوفاة تشوّف لها أيضا فصُرفت عنه إلى عمر ، فلما احتضر عمر جعلها شورى بين ستة هو أحدهم ، فلم يشك أنها لا تعدوه فصُرفت عنه إلى عثمان ، فلما هلك عثمان بويع ثم نُوزع حتى جرّد السيف وطلبها فما صفا له شيء منها ، وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة ، فلا أعرفن ما استخفك سفهاء أهل الكوفه فأخرجوك . إنصـافــه رضي الله عنه : وكان علي رضي الله عنه من أكثر الناس إنصافاً لخصومه . فقد رأى عليٌّ رضي الله عنه طلحة رضي الله عنه في واد مُلقى ، فنزل فمسح التراب عن وجهه وقال : عزيز عليّ أبا محمد بأن أراك مجدلا في الأودية تحت نجوم السماء . إلى الله أشكو عجري وبجري . يعني : سرائري وأحزاني التي تموج في جوفي . وقال طلحة بن مصرف انتهى علي رضي الله عنه إلى طلحة رضي الله عنه وقد مات ، فنزل عن دابته وأجلسه ، ومسح الغبار عن وجهه ولحيته ، وهو يترحم عليه ، وقال : ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة . وكان يقول : أني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله عز وجل : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ) رواه ابن أبي شيبة والبيهقي . ولما سُئل عـن أهـل النهروان [ من الخوارج ] أمشركون هـم ؟ قال : من الشرك فـرُّوا . قيل: أفمنافقون ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا . فقيل : فما هم يا أمير المؤمنين ؟ قال : إخواننا بَغَوا علينـا ، فقاتلناهم ببغيهم علينا . رواه ابن أبي شيبة والبيهقي . علي رضي الله عنه والحِكمـة : كان علي رضي الله عنه واعظاً بليغاً مؤثراً ، وخطيباً مُصقعـاً ، وكان ينطق بالحِكمة . ولذلك عقد ابن كثير رحمه الله فصلا في البداية والنهاية فقال : فصل في ذكر شيء من سيرته العادلة ، وطريقته الفاضلة ، ومواعظه وقضاياه الفاصلة ، وخُطبه وحِكَمِهِ التي هي إلى القلوب واصلة . ثم ساق تحت هذا الفصل طرفا من حِكم عليّ رضي الله عنه ومواعظه . علي رضي الله عنه والشِّعـر : وكان علي رضي الله عنه شاعراً مُجيداً ، وقد اتّسم شعره بالحكمة . ومن شِعره : إذا اشتملت على اليأس القلوب = وضاق بما به الصدر الرحيب وأوطَنِت المكاره واطمأنت = وأرست في أماكنها الخطوب ولم تر لانكشاف الضرّ وجهاً = ولا أغنى بحيلته الأريب أتاك على قنوط منك غوث = يمن به القريب المستجيب وكل الحادثات إذا تناهت = فموصول بها الفرج القريب ومِن شِعره : فلا تصحب أخا الجهل = وإيـــاك وإيـــاهُ فكم من جاهل أردى = حليما حين آخاهُ يقاس المرء بالمرء = إذا ما المرء ما شاهُ وللشيء على الشيء = مقاييس وأشباه وللقلب على القلب = دليل حين يلقاه وقوله رضي الله عنه : حقيق بالتواضع من يموت = ويكفى المرء من دنياه قوت فما للمرء يصبح ذا هموم = وحرص ليس تدركه النعوت صنيع ُمَلِيكِنا حَسَنٌ جميل = وما أرزاقه عنّـا تفوت فيا هذا سترحل عن قليل = إلى قوم كلامهم السكوت زوجاته رضي الله عنه : - سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها . وولدت له الحسن والحسين ، ويُقال : ومُحسناً ، ويُقال : مات وهو صغير . وولدت له من البنات : زينب الكبرى ، وأم كلثوم الكبرى ، وهي التي تزوجها عمر رضي الله عنه . ولم يتزوّج علي رضي الله عنه على فاطمة رضي الله عنها حتى ماتت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر . ومن زوجاته : - أم البنين بنت حزام . وولدت له العباس وجعفراً وعبد الله وعثمان ، وقد قُتل هؤلاء مع أخيهم الحسين بكر بلاء ولا عقب لهم سوى العباس .
ولذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما أحببت الإمارة إلا يومئذ . كما عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . لا لأجل الإمارة ، ولكن لأجل هذه المنزلـة العالية الرفيعة يحبّ الله ورسوله ويُحبُّـه الله ورسوله اشتهر عليّ رضي الله عنه بالفروسية والشجاعة والإقدام . وكان اللواء بيد علي رضي الله عنه في أكثر المشاهد . بارز عليٌّ رضي الله عنه شيبة بن ربيعة فقتله عليّ رضي الله عنه ، وذلك يوم بدر . وكان أبو ذر رضي الله عنه يُقسم قسما إن هذه الآية ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) نزلت في الذين برزوا يوم بدر ؛ حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث ، وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة . رواه البخاري ومسلم . وفي اُحد قام طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين فقال : يا معشر أصحاب محمد إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار ، ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة ، فهل منكم أحد يعجله الله بسيفي إلى الجنة أو يعجلني بسيفه إلى النار ؟! فقام إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : والذي نفسي بيده لا أفارقك حتى يعجلك الله بسيفي إلى النار ، أو يعجلني بسيفك إلى الجنة ، فضربه عليّ فقطع رجله فسقط فانكشفت عورته فقال : أنشدك الله والرحم يا ابن عمّ . فكبر رسول الله وقال أصحاب عليّ لعلي : ما منعك أن تُجهز عليه ؟ قال : إن ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورته ، فاستحييت منه . وبارز مَرْحَب اليهودي يوم خيبر فخرج مرحب يخطر بسيفه فقال : قد علمت خيبر أني مرحب = شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أنا الذي سمتني أمي حيدرة = كليث غابات كريه المنظرة أوفيهم بالصاع كيل السندرة ففلق رأس مرحب بالسيف ، وكان الفتح على يديه . وعند الإمام أحمد من حديث بُريدة رضي الله عنه : فاختلف هو وعليٌّ ضربتين ، فضربه على هامته حتى عض السيف منه بيضة رأسه ، وسمع أهل العسكر صوت ضربته . قال : وما تتامّ آخر الناس مع عليّ حتى فتح له ولهم . ومما يدلّ على شجاعته رضي الله عنه أنه نام مكان النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة . ومع شجاعته هذه فهو القائل : كُنا إذا احمرّ البأس ، ولقي القوم القوم ، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه . رواه الإمام أحمد وغيره . فما أحد أشجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومن فضائله رضي الله عنه : اجتمع له من الفضائل الجمّـة ما لم يجتمع لغيره . فمن ذلك ما أخرجه ابن عساكر أن علياً رضي الله عنه قال : محمد النبي أخي وصهري = وحمزة سيد الشهداء عمي وجعفر الذي يمسي ويضحى = يطير مع الملائكة ابن أمي وبنت محمد سكني وعرسي = مَسُوطٌ لحمها بدمي ولحمي وسبطا أحمد ولداي منها = فأيكم له سهم كسهمي ؟ من كريم خُلقه : أنه جاءه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة فرفعتها إلى الله قبل أن أرفعها إليك ، فإن أنت قضيتها حمدت الله وشكرتك ، وإن أنت لم تقضها حمدت الله وعذرتك ، فقال عليّ : اكتب حاجتك على الأرض ، فإني أكره أن أرى ذل السؤال في وجهك . تواضعه رضي الله عنه : قال عليّ رضي الله عنه : لا أوتي برجل فضلني على أبي بكر وعمر ، إلا جلدته حد المفتري . وقال محمد بن الحنفية : قلت لأبي : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر . وخشيت أن يقول عثمان . قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخاري . ابتلاؤه رضي الله عنه : ابتُلي رضي الله عنه من قبل أقوام ادّعوا محبّـته ، فقد ادّعى أقوام من الزنادقة أن علياً رضي الله عنه هو الله ! فقالوا : أنت ربنا ! فاغتاظ عليهم ، وأمر بهم فحرّقوا بالنار ، فزادهم ذلك فتنة وقالوا : الآن تيقنا أنك ربنا ! إذ لا يعذب بالنار إلا الله . وقال رضي الله عنه : يهلك فيّ اثنان ؛ محب يُقرّظني بما ليس فيّ ، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني ، ألا إني لست بنبي ولا يوحى إليّ ، ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما استطعت ، فما أمرتكم من طاعة الله فحقّ عليكم طاعتي فيما أحببتم وكرهتم . وقد قيل لعلي رضي الله عنه : إن هنا قوماً على باب المسجد يدّعون أنك ربهم ، فدعاهم ، فقال لهم : ويلكم ما تقولون ؟ قالوا : أنت ربنا وخالقنا ورازقنا ! فقال : ويلكم إنما أنا عبدٌ مثلكم ؛ أكل الطعام كما تأكلون ، وأشرب كما تشربون ، إن أطعت الله أثابني إن شاء ، وإن عصيته خشيت أن يعذبني ، فاتقوا الله وأرجعوا ، فأبوا ، فلما كان الغد غدوا عليه ، فجاء قنبر فقال : قد والله رجعوا يقولون ذلك الكلام ، فقال : أدخلهم ، فقالوا : كذلك ، فلما كان الثالث قال : لئن قلتم ذلك لأقتلنكم بأخبث قتلة ، فأبوا إلا ذلك ، فقال : يا قنبر ائتني بفعلة معهم ، فخدّ لهم أخدوداً بين باب المسجد والقصر .
قصص الصحابة: علي بن أبي طالب: أمير المؤمنين الإمام الكريم : علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ، أبو الحسن . رضي الله عنه وأرضاه . كُنيته : أبو الحسن . وكنّاه النبي صلى الله عليه وسلم : أبا تراب ، وسيأتي الكلام على سبب ذلك . مولده : وُلِد قبل البعثة بعشر سنين . وتربّى في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُفارقه . فضائله : فضائله جمّـة لا تُحصى ومناقبه كثيرة حتى قال الإمام أحمد : لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلي . وقال غيره : وكان سبب ذلك بغض بني أمية له ، فكان كل من كان عنده علم من شيء من مناقبه من الصحابة يُثبته ، وكلما أرادوا إخماده وهددوا من حدّث بمناقبه لا يزداد إلا انتشارا . ومن هنا قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية : باب ذِكر شيء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه . ثم أطال رحمه الله في ذكر فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : فمن ذلك أنه أقرب العشرة المشهود لهم بالجنة نسبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الحافظ ابن حجر : وقد ولّـد له الرافضة مناقب موضوعة ، هو غنى عنها . قال : وتتبع النسائي ما خُصّ به من دون الصحابة ، فجمع من ذلك شيئا كثيراً بأسانيد أكثرها جياد . وكتاب الإمام النسائي هو خصائص عليّ رضي الله عنه . وهذا يدلّ على محبة أهل السنة لعلي رضي الله عنه . وأهل السنة يعتقدون محبة علي رضي الله عنه دين وإيمان . من فضائله رضي الله عنه : أول الصبيان إسلاماً . أسلم وهو صبي ، وقُتِل في الإسلام وهو كهل . قال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه يوم غدير خم : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى . قال : اللهم من كنت مولاه فعليّ مولاه . اللهم والِ من والاه ، وعاد من عاد . رواه الإمام أحمد وغيره . وروى الإمام مسلم في فضائل علي رضي الله عنه قوله رضي الله عنه : والذي فلق الحبة ، وبرأ النَّسَمَة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا يحبني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا منافق . وروى عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال في حق عليّ رضي الله عنه : ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبّه ؛ لأن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له ، خَلّفه في بعض مغازيه فقال له عليّ : يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا انه لا نبوة بعدي ؟ وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله . قال : فتطاولنا لها فقال : ادعوا لي علياً . فأُتي به أرمد ، فبصق في عينه ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه . ولما نزلت هذه الآية : ( فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ ) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فقال : اللهم هؤلاء أهلي . روى عليّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً . شهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا غزوة تبوك ، فقال له بسبب تأخيره له بالمدينة : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ،إلا أنه لا نبي بعدي . وهذا كان يوم تبوك خلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة ، وموسى خلف هارون على قومه لما ذهب موسى لميعاد ربه . وهو بَدري من أهل بدر ، وأهل بدر قد غفر الله لهم . وشهد بيعة الرضوان . وهو من العشرة المبشرين بالجنة . وهو من الخلفاء الراشدين المهديين فرضي الله عنه وأرضاه . وهو زوج فاطمة البتول رضي الله عنها ، سيدة نساء العالمين . وهو أبو السبطين الحسن والحسين ، سيدا شباب أهل الجنة . قال صلى الله عليه وسلم : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني . وكان علي رضي الله عنه أحد الشورى الذين نص عليهم عمر ، فعرضها عليه عبد الرحمن بن عوف وشرط عليه شروطا امتنع من بعضها ، فعدل عنه إلى عثمان ، فقبلها فولاه ، وسلم عليّ وبايع عثمان . ولم يزل عليّ رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم متصديا لنصر العلم والفتيا . من خصائص عليّ رضي الله عنه ما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : لأعطين هذه الراية رجلاً يفتح الله علي يديه ، يحبّ الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله . قال : فَباتَ الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها . قال : فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجون أن يعطاها ، فقال : أين علي بن أبي طالب ؟ فقالوا : هو يا رسول الله يشتكى عينيه . قال : فأرسلوا إليه . فأُتيَ به ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا لـه فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية .
قصص الصحابة: خالد بن الوليد: خالد بن الوليد هو أحد أهم الشخصيات فى التراث الاسلامي ، فقد كان من أعظم القادة العسكريين عبر التاريخ الإسلامي ، ولقد لقبه سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم ، بلقب سيف الله المسلول ، وحين مماته كان كل شبر فى جسده لا يخلو من آثار الطعنات والسيوف ، وقد تحمل كل هذه الجراح وهو حاميًا ومدافعًا عن الدين الاسلامي الحنيف ورافعا رايته عاليه . ولادته ونشأته: ولد خالد بن الوليد فى مكه عام 30 ق.هـ – الموافق لعام 592 م ، أبوه هو الوليد بن المغيرة بن عبد الله المخزومي القريشي ، فهو ينحدر من سلالة بنى مخزوم رفيعة النسب والمكانة ، فأبوه الوليد بن المغيره كان سيد بنى مخزوم ، ومن أغنى أغنياء مكة فى عصره ، وأمه هي لبابة بنت الحارث الهلاليه ، وهي أخت أم المؤمنين السيدة ميمونه بنت الحارث إحدى زوجات الرسول صلّ الله عليه وسلم . وكما جرت عادة أشراف قريش قديما فقد قاموا بإرسال خالد بن الوليد إلى الصحراء ، لكي يتربى ويشب صحيحًا فى جو الصحراء ، ثم عاد لوالديه وهو بعمر السادسة ، وقد تعلم خالد الفروسية منذ صغره وأظهر براعة ونبوغًا يفوق جميع أقرانه منذ وقت مبكر ، توفى أبوه الوليد بن المغيرة المخزومي القريشي بعد الهجرة النبوية الشريفه بثلاثة أشهر ، وأصبح خالد بن الوليد زعيم قومه الذين كانوا لم يعتنقوا بعد الدين الاسلامي . قبل دخوله الاسلام : تزعم خالد ابن الوليد قبل اعتناقه الاسلام معركتين شهيرتين ، كان فيها زعيما لجيوش المشركين الذين يحاربون الرسول صلّ الله عليه وسلم ، إحداهما هي غزوة أحد ، فقد قام خالد بن الوليد فيها بدور محورى وحيوي لصالح جيش المشركين . حيث استطاع بمهارته تحويل هزيمتهم إلى نصر ، فقد استغل صغره وقع فيها رماة المسلمين ، اذ انشغلوا بجمع الغنائم وتركوا جبل الرماة ، فهاجم خالد بن الوليد مع فرسانه صفوف المسلمين من الخلف وحاصرهم ، وتحولت هزيمة المشركين إلى نصر على المسلمين ، وانقلبت دفة المعركة . والغزوة الأخرى كانت غزوة الخندق ففي تلك المعركة ، أرسل الله سبحانه وتعالى ريحا عاصفة على جيوش المشركين ، شتت جيادهم ، وحطمت دورهم وخيامهم ، فيأس المشركين من عبور الخندق للوصول إلى المسلمين ، وتقهقروا عن المدينة المنوره . وشارك خالد ابن الوليد وعمرو بن العاص ، في صفوف الأحزاب وكان دورهم تأمين مؤخرة الجيش مع مائتي فارس ، خوفًا من ملاحقة المسلمين لهم ، وأخذ خالد بن الوليد يفكر بينه وبين نفسه ، عن السر الإلهي الذي يساند جيش محمد عليه الصلاة والسلام ، وبدأ يفكر فى دين الاسلام وفي سيدنا محمد الصادق الأمين . اعتناقه الاسلام: فى ذلك الوقت كان الوليد بن الوليد بن المغيرة أخو خالد بن الوليد ، قد اعتنق الاسلام ، فأرسل الى خالد بن الوليد رسالة يدعوه فيها إلى اعتناق الاسلام ، وأن يدرك ما قد وفاته ، وأن رسول الله محمد يقول عنه (ما مثل خالد يجهل الإسلام ، ولو كان جعل نكايته وحده مع المسلمين على المشركين لكان خيرًا له ، ولقدمناه على غيره) . أنه ذو عقل راجح وذلك العقل سوف يهديه إلى الصواب والإيمان ، فتأثر خالد بن الوليد من رسالة أخيه ، وعقد العزم على السفر ليثرب لكي يعلن اسلامه ، وفي طريقه الى يثرب التقى بعمرو بن العاص ، وقد كان مهاجرًا هو الآخر لكي يعلن اسلامه وسافرا سويًا ، وبالفعل اعتنقا الاسلام ، وحينها قال الرسول محمد عليه الصلاة والسلام : إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها . فتوحات وانتصارات : قاد خالد بن الوليد بعض الغزوات فى حياة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وانتصر فيها انتصارا عظيمًا ، كغزوة مؤتة والتي أظهر فيها خالد بن الوليد ذكاءًا وشجاعة القائد ، فقد اختار الرسول محمد ثلاثة قادة ، من قادة المسلمين تكون لهم قيادة الجيش على التوالى ، هم : زيد ابن الحارثة ، جعفر بن ابي طالب ، عبد الله بن رواحة . وعند وصول الجيش إلى مؤتة ، فوجئ جيش المسلمون بأنفسهم أمام جيش مكون من مائتي ألف مقاتل ، نصفهم من الروم والنصف الآخر من الغساسنة ، وظل المسلمون يتشاورون فى أمرهم ، واقترح البعض بأن يرسلوا إلى رسول الله ليشرحوا له الأمر ويطلبوا منه مددًا . ولكن اعترض عبد الله بن رواحه رضي الله عنه ، وأقنعهم بالدخول إلى المعركة ، واستمر القتال لمدة ليلتين ، قُتل فيهما القادة الثلاثة على التوالي ، مما وضع المسلمين في موقف عصيب . ثم اختار المسلمين خالد بن الوليد ليكون قائد لهم ، وصمد المسلمين بقية اليوم في المعركة ، وفي الليل نقل خالد ميمنة الجيش إلى الميسرة ، والميسرة إلى الميمنة ، وجعل مقدمة الجيش موضع موخرة الجيش ، ومؤخرة الجيش موضع مقدمته ، ثم أمر طائفة بأن تثير الغبار ويكثرون الجلبة خلف الجيش حتى الصباح . وفي الصباح فوجئ جيش الروم والغساسنة بتغير الوجوه والأعلام عن تلك التي واجهوها بالأمس ، إضافة إلى الغبار والجلبه ، فظنوا أن مددًا قد جاء للمسلمين ، في ذلك الحين أمر خالد بن الوليد جيشه بالانسحاب . وخشي الروم أن يلاحقوهم ، خوفًا من أن يكون الانسحاب مكيدة وبذلك ، نجح خالد بن الوليد في أن يحافظ على ما بقى من فرسان جيشه ، قبل أن يبادوا إبادة شاملة ، وقد حارب خالد بن الوليد بشجاعة في تلك الغزوة ، وكسرت في يده تسعة أسياف ، وبعد أن عاد إلى يثرب ، أثنى عليه محمد رسول الله ولقبه بسيف الله المسلول . وبعد فتح مكة ببضعة أيام ، ذهب خالد بن الوليد بأمر من رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، ومعه عدد من الفرسان إلى الكعبة ليحطم الأصنام التي كان يعبدها المشركون ، فحطم خالد بن الوليد بسيفه الصنم العزى ، الذي كان يعبده أبوه الوليد بن المغيرة . وكان أول انتصارات خالد بن الوليد العظيمة ، التي حققها في معركة اليمامه ، فقد تمكن من هزيمة الجيش الضخم الذي أعده مسيلمة بن تمامة الحنفي ، والذي عرف فيما بعد بمسيلمة الكذاب لأنه ادعى النبوة . وقد حقق أيضا خالد بن الوليد انتصارًا عظيمًا يعد من أعظم المعجزات فى تاريخ الحروب ، اذ تمكن القائد العظيم خالد بن الوليد من إزالة سلطان الروم عن فلسطين والشام وشمال افريقيا ، وتحطيم دولة الفرس وكان ذلك في مدة سبع سنوات فقط . وفي العام الثاني عشر من الهجرة ، أي بعد وفاة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بسنة واحدة ، وبعد انتهاء مهمته في حروب الردة ، سار القائد العظيم خالد بن الوليد على رأس جيش المسلمين متوجها الى العراق . وقد التقا خالد بن الوليد بجيوش فارس في ستة عشر معركة ، وقد حقق نصرًا عظيمًا بمهارته في فنون القتال وإتقانه لها وحسن قيادته ، بالرغم أنه في عدد ليس بالقليل من هذه المعارك كانت جيوش المسلمين لا تتجاوز عشر جيش الفرس ، فقد كان يبث في قلوب جنوده الإيمان بالله تعالى . وقد أرسل خالد بن الوليد ذات مرة برسالة إلى قائد جيوش الفرس وكان اسمه هرمز كتب له فيها لقد جئتك بقوم ، يحبون الموت في سبيل الله تعالى كما تحبون أنتم الحياة لمتاعها الزائل . وفي إحدى المعارك طلب قائد الفرس قارن بن قريانس قبل بداية المعركة ، أن يقوم بمبارزة خالد بن الوليد ، فرحب بذلك ، وانتهت المبارزة بقتل قائد الفرس وانسحاب جيشه ، وانتصارات خالد بن الوليد كثيرة ، فقد هزم جيش الروم في موقعة دومة الجندل ، ثم انطلق نحو الشام حيث خاض موقعة فاصلة بينه وبين الروم في موقعة اليرموك وقد بلغ عدد القتلى من الروم في موقعة اليرموك ثمانين ألفا . وقد قال هرقل قائد الروم في ذلك الوقت مودعًا الشام بعبارته اليائسة الشهيرة وداعًا يا شام وداعًا ليس بعده من لقاء ، ولكن الروم تمسكوا بقلاعهم في مدينة قنسرين المدينة المنيعة الحصون بالشام ، ورفضوا الاستسلام لخالد بن الوليد بعد أن حاصر قلاعهم ، فقال خالد بن الوليد قولته الشهيرة : لو كنتم في السحاب لحملنا الله سبحانه وتعالى إليكم ، أو لأنزلكم إلينا ، فكم كان قدر ايمان خالد بن الوليد بالله سبحانه وتعالى ، وبالفعل نجح خالد بن الوليد باقتحام قلاع الروم بجيشه ، وألحق بهم هزيمة فادحة . العزل وأسبابه: ولقد خشي عمر بن الخطاب أن يفتن خالد بن الوليد الناس به خاصة بعدما سمع أن الناس حينما يعرفون أن خالد هو قائد المعركة يقولون انتصارنا ، فقرر عزلة حتى يعتمدوا على الله تعالى ، وأن الله سبب النصر وحده . وتم تعين أبا عبيدة بن الجراح بدلًا منه ، وعلى الرغم من شعبية خالد بن الوليد وحب الجيش إلا أنه كان رجلًا عسكريًا مخلصًا للإسلام ، فقد أطاع الأمر على الفور ، فحين أتى له أبا عبيدة الجراح برسالة عمر بن الخطاب له بالعزل ، فما كان منه إلا أن قال ما دام عمر بن الخطاب قد أصبح خليفة المسلمين ، فما أنا إلا جنديا مطيعًا لخليفة الله في الأرض ، وما أنا بالذي يعصي أمير المؤمنين ، أو يفسد وحدة المسلمين ، فاصنع فيّ أبا عبيدة ما بدا لك ، وانتهت مسيرته العسكريه حين ذاك . فقد تناسا خالد بن الوليد أمجاده وانتصاراته التي اعتبرها حقًا للمسلمين جميعا وليست له وحده قال له عمر بن الخطاب يا خالد والله انك لكريم ..وانك الىّ لحبيب . وفاته: عاش خالد بن الوليد في مدينة حمص حتى توفى عام (21هـ – الموافق 642م ) ، وقد حزن على موته المسلمون حزنًا شديدًا ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، من أشد الناس حزنًا على وفاة خالد بن الوليد رضي الله عنه . ويروي البعض أن آخر ما ردده خالد بن الوليد وهو على فراش موته العبارة الشهيرة : لقد شهدت مئة زحف أو زهاءها ، وما في بدني موضع شبر ، إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح ، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي ، كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء .